- e-nourAdmin
- عدد المساهمات : 1636
تاريخ الميلاد : 09/05/1990
تاريخ التسجيل : 15/01/2010
العمر : 34
تطور الاقتضاد الجزائري بعد الاستقلال 1692-1966
الإثنين ديسمبر 20, 2010 7:46 pm
تطور الاقتضاد الجزائري بعد الاستقلال 1692-1966
المبحث الثاني : تطور الاقتصاد الجزائري بعد الاستقلال (1962-1966)
سنحاول في هذا المبحث إعطاء صورة حول الوضع الذي كان عليه الاقتصاد الجزائري فجر الاستقلال و كيف كان تصرف الحكومة الأولى أمام هذا الوضع الحرج.
1- الاقتصاد الجزائري غداة الاستقلال
كان الوضع الذي واجهته الحكومة الأولى سنة 1962 وضعا صعبا للغاية حيث أن سبع سنوات من الحرب و التخريب الاستعماري دمرت بموجبه البنية التحتية و الهياكل الاقتصاديـــــة لاسيما سنوات 61/62 و سياســـة الأرض المحروقة التي انتهجتها منظمة الجيش السري المنتمية للمعمرين، و قد تدهورت الحالة الاقتصادية خلال هذه المرحلة و زادت تعقيدا و تجلى ذلك في مايلي:
· غادر ما يقرب من مليون معمر الجزائر في بضعة شهور تاركين مزارعهم و نشاطاتهم ووظائفهم (50000 إطار سامي، 35000 إطار متوسط، 100000 عامل مهني)، و قد سد الجزائريون هذا الفراغ بما لديهم من وسائل و إمكانيات بسيطة رغم أن غالبية السكان يقيمون في الأرياف و 90 % منهم أميون
· أخذ المعمرون مدخراتهم و رؤوس أموالهم، ففي سنة 1962 قدرت قيمة الأموال المحولة للخارج بــ 500 مليون فرنك فرنسي شهريا، و في جوان من نفس السنة تم تحويل ما قيمته 750 مليون فرنك فرنسي من الجزائر إلى فرنسا عبر القنوات البنكية، ناهيك عن التحويلات غير البنكية
· انجر عن رحيل المعمرين الذيــن كانــوا يضمنون تسيير الآلـة الاقتصادية و الإدارة العموميـة و توقف الاستثمارات المبرمجـة في مشروع قسنطينة إلى تراجع الإنتاج الصناعـي بشكل واضـح باستثناء القطاع البترولي، فما بين 62/63 تم غلـق أكثر من 100 مؤسســـة صناعية، كما توقــف عن النشاط أكثر من 1400 مؤسسة من مجموع 2000 مؤسسة صناعية بسيطة، و بموجب ذلك انخفض الإنتاج الصناعي ما بين 60/63 بنسبة 35 % و في نهاية 1963 بلغت نسبة الانخفاض 55 %
· وجود حوالي ما بين (11-12) مليون جزائري تتهددهم المجاعة، مليوني فلاح خرجوا من سجون الاستعمار، 70% من السكان العاملين في حالة بطالة.
الصناعة التي تركها المعمر تتميز بحجم صغير، انعدام الترابط الخلفي و الأمامي بينها، أما لمؤسسات التــي يمتلكها الجــزائريون فعموما تخــص الصناعات الحرفية و تفتقر لرؤوس الأموال، في حين استمرت فـــــروع الشركات المتعــددة الجنسيات في النـشاط إلى غايـة
التأميمات مثل: ALLUMAF, RENAULT, BERLIET,. PHILIS, CABLAF, ,SNAF,
· فجر الاستقلال كانت الزراعة و الخدمات تمثل 73% من إجمالي الإنتاج، و 20% من الإنتاج الصناعي تمثل مدخلات للصناعات الثقيلة بمفهومG.Debernis في حين نجد الصناعة الغذائية المعتمدة على التحويل البسيط لمنتجات القطاع الزراعي تستحوذ على 45 %من إجمالي الإنتاج للقطاع الثانوي.
2- فترة الانتظار(62 - 65)
هي الفترة التي لم تظهر فيها دولة بالمفهوم الاقتصادي، أي الدولة التي تتحمل أعباء التنمية، و لذلك تميزت السياسة الاقتصادية خلال هذه الفترة بالبطء و تراجع النمو و انعدام الرؤية الاقتصادية المستقبلية، و قد زاد الوضع الاقتصادي تعقيدا خـــلال هذه الفترة أمام الافــتقار إلى الإطارات المسـيرة في القطاعات الإدارية و الاقتصادية و التجارية و نقص الخبراء في مجال العلوم و التكنولوجيا و الشؤون المالية.
و أمام هذا الواقع الصعب لم يكن أمام القادة الجزائريون آنذاك سوى الاحتفاظ بالأجهزة الموروثة عن العهد الاستعماري: من مسيرين، و قوانين و مراسيم و ممارسات كانت قائمة
قبل الاستقلال بالإضافة على الاستمرار في تنفيذ المشاريع المبرمجة في إطار مشروع قسنطينة (1959-1964) التي اعتبرت ضــرورة لا يمكــن الاستغناء عنها، و استنادا إلى ما تنص عليه معاهدة أيفيان 1962، تتعهد الدولة الفرنسية بتقديم الدعــم المالي و التقنــي للدولة الجزائرية الناشئة من أجل إحياء المشاريع المعطلة في مشروع قسنطينة و إكمالها.
كما ورثت الجزائر بعض الهياكــل و المنشآت الاقتصادية و الاجتماعية، مما سمــح لها بالشروع في العمليــة التنموية دون استثمارات مقابلة: الطرق المعبدة، خطوط النقل، الخطوط الحديدية، مطارات صغيرة، نــوادي و مؤسسات اجتماعية و إدارية، مجموعة من المدارس و هياكــل التكوين، الكشف عن بعض الخامات و المعادن، حوالي 1300 فني جزائري، 120 طبيب و خمسة مهندسين، و نتيجة لهذا الوضع جاءت سياسة الجزائر خلال هذه الفترة منصبة على مايلي:
· الإبقاء على الوضع الموروث عن الاستعمار و تركيز الجهود لتأمين معيشــة 12 مليون جزائــري مهــددون بالجوع
· محاولة إيجاد حلول لعدة تناقضات كالبطالــة و توفر الأراضــي الزراعية، التناقض بين الصفـة الاستعماريـة للاقتصاد الجزائري و بين حاجيات المواطنين.
· محاولة الاستفادة من الامتيازات المقدمة من طرف الحكومة الفرنسية بناء على ما تم في اتفاقيات أيفيان.
بالإضافة إلى ذلك برزت إرادة قوية لفرض رقابة إدارية علـى النشاط الاقتصادي، و احتكار الدائـــرة الماليــة و دائــرة التخطيط باعتباريهما مجالا حيويا لممارسة السلطة الاقتصاديــة، أي التوجــه نحو ميكانيزمات التخطــيط المركزي ليس فقط لوظائف الاستثمار و لكن حتى وظائف الإنتاج و التوزيع التجاري، فالدولة هي أكبر مستثمر، أكبر مستهلك، أكبر مشغل وأول بنكي في البلاد، و في هذا الإطار تم الإعلان عن الأملاك التي تركها المعمرون " أملاك شاغرة" و منح إدارتها سواء للجهاز الإداري ( الأملاك العقارية غير الزراعية ) أو للعمال الذيــــــــن يشتغلون فيها (الوحدات الصناعية و الزراعية و التجارية)، و هكذا ظهر نظامان في إدارة الوحدات الاقتصادية:
· التسيير الذاتي للمزارع و الوحدات الصناعية الصغيرة الحجم التي تركها المعمرون تقدر بحوالي 330 مؤسسة بمجموع 3000 عامل في سنة 1964، و تخص الصناعات الغذائيـــة، مواد البناء، المحاجر وصناعـــة الخشـــب و عـدد محــدود من الوحدات في مجال الصناعات الحديدية و الميكانيكية و الكهربائية (مراسيم 1963 حول التسيير الذاتي).
· إنشاء دواوين وطنية مثل الديوان الوطني للحبوب، الديوان الوطني للتجارة، و الديوان الوطني للإصلاح الزراعي ONRA الذي يضمن تموين كل الأمــلاك المسيرة ذاتيا بمدخلات الإنتاج و تسويــق منتجاتها، الديوان الوطني للتوزيع ONACO الذي يمثل احتكار الدولة لعملية الاستيراد لقائمة واسعة من المنتجات و احتكار التصدير لبعض المنتجات الأساسية.
· إنشاء شركات وطنية، سواء على أساس هياكل موجودة سابقا مثل شركة الكهرباء و الغاز و الشركة الوطنية لنقل و تسويق المحروقات.
كما عملت السلطات الجزائرية إلى تأميم الأملاك الاستعمارية التي لم يتركها أصحابها مثل تأميم الأراضي الزراعية و المناجم سنة 1963، ثم الشركات البترولية الأنجلوسكسونية و البنوك سنوات 1966/1967، موازاة مع ذلك و نتيجة للتخوف من هروب رؤوس الأموال شرعت السلطات الجزائرية في الرقابة على السياسة النقدية و المالية و ذلك بإنشاء البنك المركزي 1963، الدينار الجزائري 1964، فرض رقابة على الصرف مــع منطقة الفرنك ابتداء من أكتوبر 1963 و عدم قابلية الدينار الجزائري للتحويل، الرقابة على التجارة الخارجية.
من ناحية أخرى و بفضل التمويل الخارجي، أنشأت الدولة مشاريع إنتاجية في قطاعات: النسيج، الجلود، المواد الغذائية، في إطار مخطط استعجالي للتنمية الصناعية 1962 إلا أن الركود الاقتصادي العام لم
يسمح بنموها، و عموما يمكن القول أن هذه الفترة تميزت بتعايش أربع قطاعات ضمن الصناعة الجزائرية:
· قطاع التسيير الذاتي المتكون من المؤسسات الصغيرة و المتوسطة التي كانت ملكا للمعمرين، و الذي واجه العديد من المشاكل منها ما يخص التمويل، نقص الموارد البشرية المؤهلة، التموين، التسويق و عدم رغبة الدولة في الاستمرار في هذا النوع من التسيير، و لذلك انتقلت مجـمـوع الوحدات المسيرة ذاتـــيا تدريـجيا تحت رقابــة الشركات الوطنية بعد إنشاء القطاع العام، ففي سنة 1973، أصبح القطاع الصناعي المسير ذاتيا يمثل اقل مــــن 0.3% من اليد العاملة الإجمالية
· قطاع خاص أجنبي ممثلا في الشـركات الفرنسية التي كانت لـها فـروع في الجزائـر بالإضافة إلى الشركات المتعددة الجنسيات العاملة في حقول البترول و الغاز،
· قطاع خاص وطني ناشئ للمقاولين الجزائريين الخواص، لا يحظى بدعم السلطات العموميــة، " فصدور قانون الاستثمارات سنة 1963 مثلا كان يتعلق فقط بالاستثمارات الأجنبيـة، و هو ما يعنـــي ضمنيا منع الاستثـمار الخاص الوطنــي، و في نفس السنة تم تعيين مندوبــين عن الحكومة في كل شركـة خاصــة بهدف التحضير لإدماجهم في نظام التسيير الذاتي " (2)
· قطاع عمومي نامي ابتداء من سنة 1966 ورث ملكياته عن المستعمر أو كون من طرف الدولة.
هذا، و يحق لنا أن نتساءل لماذا خلال كل هذه الفترة لم يتم إنشاء القطاع العام إلى غاية سنة 1966، و امتازت بركود اقتصادي، فلا البرجوازية الأجنبية و لا المحلية أخذت بزمام المبادرة لإدارة النشاط الاقتصادي، بل كانت استراتيجيـــة الرأسمال الأجنبي الفرنسي هو احتكار قطاع المحروقات و تفضيله عن القطاع الزراعـــي أو حتى التصنيع.
و مما تجدر الإشارة إليه كذلك أنه رغم ضبابية الرؤية حول مستقبل التنمية الاقتصادية في هذه الفترة، إلا أنـــه اتخذت بعض القرارات تعد هامة الأثر لمستقبل الاقتصاد الجزائري للسنوات العشر قادمة نذكر منها:
· رفض الاستعانة بالخبرات الأجنبية ماعدا في بعض المجالات التقنية ( الأشغال العمومية، الاتصالات)، وكان لهذا القرار تكلفته من حيث عدم اكتساب الخبرة المهنية بصفة سريعة،
· اعتبار نشاط الوساطـة الاقتصاديـة خارج القانون و نشاط طفيلـي، و هو ما جعل أسـواق السلـع و الخدمات لا تشتغـل بصفـة جيــدة لكـــون نشاطات الوساطـة غـــير محددة و غير منظمة.
· شكلت سياسة الأجور المنخفضة منذ 1962 تحد صعب في منتصف السبعينات و دفعت إلى ظهور الرشــوة،
· تحديد الضريبـة على دخل الشركات إلى مستوى 90% أدى إلى ظـهور التهرب الضريبــــــي و
التوجـه نحو الاقتصاد الموازي ( الخفي).
3- السياسة الاقتصادية الجزائرية بعد سنة 1965
إن جزائر السبعينات، اتحاد السوفيتي العشرينات و هند و مصر الخمسينات و الستينات، اعتبرت التخطيط بمثابة الأداة الوحيدة لوضع أسس سياسة فعلية للاستثمار و برنامج سريع للتنمية.
فالملاحظ أنه قبل سنة 1965 كان التخطيط مقتصرا على إعداد ميزانيات التجهيز السنوية و المخططات القصيرة المدى (قوانين المالية) و ذلك بسبب نقص الإطارات الكفؤة، انعدام جهاز للإحصاء، ضعف القطاع الاقتصادي العمومي، تمركز جل القطاعات الاقتصادية في أيدي الأجانب، بالإضافة إلى الأثر الواضح للدعم المالي و التقني الفرنسي، كل ذلك حال دون قيام سياسة تخطيط جادة و فعالة.
أول خطوة اتخذتها السلطة الجديدة المنبثقة عن التصحيح الثوري 19 جوان 1965 هي إعادة هيكلة أجهزة الدولة (إنشاء مجلس الثورة 1965، المجلس الشعبي البلدي 1966، محكمة الثورة 1968، المجلس الاقتصادي و الاجتماعي، بالإضافة إلى صدور قوانين جديدة سنة 1967 مثل قانون الاستثمار، قانون الوظيف العمومـــي، قانون الإجراءات المدنية، قانون الإجراءات الجزائية...) و إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني دعما لسياسة التخطيط التي بدأت سنة 1965 حيث طلبت السلطات العمومية الجزائرية دعم و مساعدة فريق من خبراء البنك العالمي، الذي اقترح على الجزائر برنامجا تنمويا عد في نظر الجزائــــر أنه تابع و نيوكولونيالي، فرفــض هذا الأخــير باعتباره لا يتماشى و طموحات الجزائر، بعدها أجريت اتصالات مع هيئة التخطيط المركزية السوفيتية GOSPLAN و بالتعاون مع خبراء جزائريين بهدف رسم خطة تنموية طويلة المدى (1965 – 1980 ) و قبلت هذه الأخيرة من طرف السلطات العمومية الجزائرية.
تميزت السياسة الاقتصادية بعد سنة 1965 بخصائص نلخصها كالآتي:
· الانتقال من مرحلة الانتظار إلى تجسيد اتجاه اقتصادي جديد و ذلك بتبني النظام الاشتراكي كخيار سياسي و احتكار الدولة لجميع الأنشطة الاقتصادية الاستراتيجية و عدم السماح للقطاع الخاص وطني أو أجنبي أن يتولى عملية التنمية، حيث قرر مجلس الثورة سنة 1966 مبدأ التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المبنية على التخطيط المركزي و مبدأ التدخل المباشر للدولة في الاستثمارات الإنتاجية.
· البحث عن استقلال اقتصادي صناعي حقيقي مستقبلي بعد الحصول على الاستقلال السياسي، و لذلك جاءت السياسة الاقتصادية في شكل مخطط اقتصادي شامل و طويل المدى (إلى غاية 1980) يحدد الاتجاه العام للتنمية في الجزائر و هو موزع على خطط اقتصادية ثلاثية و رباعية و الهدف من ذلك هو القضاء على التخلف و الخروج من دائرته في آفاق الثمانينات.
· ظهور الظروف الموضوعية لإتباع سياسة تنموية سريعة و ذاتية تعتمد على الصناعات الثقيلة لاسيما في مجال الحديد و الصلب و الطاقة و تثمين قطاع المحروقات، و مثلت ملكية الدولة قلب هذا النموذج بعد إعادة تنظيم النشاط الاقتصادي في شكل شركات وطنية (تحولت فيما بعد إلى مؤسسات اشتراكية)، و اعتمدت المؤسسة العمومية كأداة لتنفيذه، ففي كل قطاع ( باستثناء الأشغال العمومية و الري) أنشأت مؤسسة عمومية صناعية تحتكر نشاط الفرع و مؤسسة عمومية للتسويق تحتكر نشاط التوزيع و الاستيراد و التصدير، وبهذه الصورة توسع القطاع العام و تقلص نفوذ البرجوازية الناشئة.
· تبعا لذلك تم في المجال المالي تأميم جميع البنوك و الأجهزة المالية في 1966 و احتكارها من قبل الدولة بهدف التحكم في آليات الإعتمادات المالية و توجيهها للتنميةّ، ثم تجميعها بعد ذلك في سنة 1969 بعد تأسيس البنك الوطني الجزائري، البنك الخارجي الجزائري و القرض الشعبــي الجزائــري، تأميم الشركات البترولية الأنجلوسكسونيــة في جــوان1967، ثم مجمــوع السوق البتروليــة فــي مــاي و جوان 1968.
· في مجال الزراعة ركزت السياسة الحكومية على تحسين و تنظيم القطاع الزراعي(إعادة توزيع الأراضي، هيكلة المزارع، تخطيط الإنتاج…) و زيادة الطاقة الإنتاجية الطبيعية (تقليص نظام التبوير، استصلاح أراضي جديدة…) و زيادة التشغيل و تنظيمه(زيادة كفاءة العمل، إعادة توزيع الملكية، محاربة التغيب عن الأرض…).
· في مجال التجارة الخارجية تم التركيز على تنويع التجارة الخارجية (حصة فرنسا في المبادلات التجارية تقلصت إلى 45 % من الواردات و 53 % من الصادرات لصالح شركاء مثل ألمانيا، الولايات المتحدة الأمريكية و ايطاليا) و احتكارها من طرف القطاع العام لمنع هروب رؤوس الأموال إلى الخارج و توجيه جل الاعتمادات المالية لصالح التنمية، اعتماد سياسة جمركية تحارب الاستهلاك الطفيلي و ترشيد الاستهلاك الوطني، تهيئة و حماية سوق المنتجات المحلية الجديدة.
الأسس الإيديولوجية لإستراتيجية التنمية في الجزائر
عشية الاستقلال ورثت الجزائر اقتصادا مشوه، مفكك و متناقص داخليا غير متوازن سواء بين فروع إنتاج القطاع الواحد أو بين القطاعات، قد انعكس عنه وضع اجتماعي أكثر تجسيدا للتخلف متمثل في الثالوث الجهنمي :الجهل، الفقر و المرض.
و أمام هذه الوضعية المتدهورة بادرت السلطات الوطنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة تمثلت في إصدار قوانين و مراسيم تحاول تنظيم النشاطات الاقتصادية و قطاعاته، و قد كان ذلك من خلال البرامـج و المواثيق حيث سطـرت الخطوط العريضة للتنميـة و التي نجد انعكاسا لها في مخططات متتالية يحتل فيها التصنيع مكانا مركزيا من اجل بناء اقتصاد وطنـي قـوي معتمدين آنذاك على النظــام الاشتراكي كخيـار سياسـي و اقتصادي قصد تحقيق أهداف التنمية المرغوبة. و قد اختارت الجزائر الصناعات القاعدية كنموذج للتنمية لما تمتاز به من توفير الفائدة، و لهذه الصناعات ترابط خلفي و أمامي وهي تسمح بدفع عجلة الاستثمارات من شأنها أن ترفع إنتاجية القطاعات الأخرى المتعددة و هي تتطلب رأسمال مكثف و تسمح للإنتاجية التي توفرها العامل الواحد لإنشاء فائض اقتصادي و توفير رأسمال، و على العموم هذه الصناعات تضمن تنمية مستقلة على المدى الطويل بالنسبة للاقتصاد الوطني.
المطلب الأول: إستراتيجية التنمية من خلال برنامج طرابلس 1962
قامت بإعداده جبهة التحرير الوطني و تبناه المجلس الوطني للثورة في جوان 1962، و ينص هذا المشروع على أن: " التنمية الحقيقية للبلاد على المدى الطويل لوثيقة الصلة بإقامة صناعات قاعدية ضرورية لتلبية احتياجات زراعية عصرية، و لهذا الغرض، توفر الجزائر إمكانيات ضخمة للصناعات البترولية و صناعة الحديد و الصلب. و في هذا المجال، يتعين على الدولة أن توفر الشروط اللازمة لإنشاء صناعة ثقيلة. و يجب ألا تساهم الحكومة في إقامة قاعدة صناعية لصالح البرجوازية المحلية على غرار ما حدث في عدة بلدان لاسيما عندما تستطيع أن تضع حدا لتنميتها باتخاذ إجراءات ملائمة "
من هذا البرنامج يمكن أن نستخلص ما يلي:
المطلب الثاني: إستراتيجية التنمية من خلال المواثيق
الفرع الأول: ميثاق الجزائر 1964
قامت بإعداده جبهة التحرير الوطني و تبناه المؤتمر الأول لجبهة التحرير الوطني في أفريل 1964، و نص هذا الميثاق على أن السياسة الاقتصادية للبلاد يمكن إدراجها في النقاط التالية:
الفرع الثاني: الميثاق الوطني 1976/1986
أولا: الميثاق الوطني 1976
كان الميثاق الوطني قد نوقش و صودق عليه من خلال استفتاء شعبي جرى يوم 27 جوان 1976، ترتكز أطروحات الميثاق الوطني حول التصنيع في الفصلين المتعلقين ﺒـ " الثورة الصناعية" و " الأهداف الكبرى للتنمية". على وجه التحديد نستعرض بعض المقتبسات من الميثاق التي تمكننا من تعيين طابع هذه العملية :
" للتصنيع في الجزائر مدلول و أبعاد ثورة حقيقية. ذلك أنه، مثل الثورتين الثقافية و الزراعية، يجعل ضمن أهدافه المتمثلة في عمليات الاستثمار، و ما يحدثه مـن أنشطة، و ضمن تحويل علاقات الإنتاج الناجمة عن الاختيار الاشتراكي، التغيير العميق للإنسان، و إعادة تشكيل المجتمع في نفس الوقت الذي يعمل فيه على تغيير ملامح البلاد" .
يتضح من هذا النص أن وظيفة التصنيع ترمي إلى إحداث تغييرات عميقة في البنيان الاقتصادي للبلاد، لنقله من اقتصاد تقليدي يعتمد، بصفة أساسية، على الأنشطة الزراعية، إلى اقتصاد عصري تتداخل و تتكامل فيه الأنشطة الإنتاجية المتميزة بتكثيف المبادلات بين فروع قطاع اقتصادي واحد، أو بين قطاعات اقتصادية متعددة، بحيث تؤدي إلى تنمية شاملة و منسجمة.
و من ناحية أخرى فإن الثورة الصناعية تندرج في عملية رفع مستوى المعيشة لكل مواطن. فهي ليست مجرد أسلوب لتراكم رأس المال، بل إنها تهدف إلى القضاء على البطالة، و تحسين الظروف الحياتية للعمال، و إعادة توزيع الدخل القومي، من أجل ترقية الجماهير المحرومة. فضلا عن هذا، فإن التصنيع هو وسيلة فعالة لتحديث الحياة الاقتصادية و الاجتماعية فهو يدخل العلوم و التقنية و التكنولوجيا في حياة المجتمع
ثانيا : الميثاق الوطني 1986
قامت بإعداد جبهة التحرير الوطني و نوقش و صودق عليه من خلال استفتاء شعبي جرى يوم 16 جانفي 1986 كانت تهدف التنمية الصناعية من خلال هذا الميثاق إلى:
أ –تزويد البلاد بصناعة شاملة و متوازنة :
بمعنى هيكلة النسيج الصناعي و تكثيفه أي جعل العلاقات القائمة بين مختلف فروع الإنتاج و الخدمات أكثر انتظاما حتى تتعزز المبادلات بين الصناعات، كما تعتبر عملية التصنيع أداة فعالة و حاسمة في بناء اقتصاد حديث و تحسين الإنتاج و إقامة صناعة مصنعـة و تدعيـم الصناعة الثقيلة. كل ذلك من شأنه أن يساعد على تحقيـق التكـامل و الاندماج في جميع المجالات.
1)– مواصلة تنمية الصناعات الأساسية:
إن الصناعات القاعدية، كصناعة الحديد و الصلب، باعتبارها الأساس الذي يعتمد عليه تصنيع البلاد. و لهذا فالطاقة الإنتاجية المتوفرة في هذه الصناعات لابد من تطوريها و تحسين مستوى استخدامها كي تكون سندا لإعادة تجديدها و توسيعها.
2) – تمكين صناعة وسائل التجهيز من تأدية دور أساسي:
ويتم ذلك عن طريق تطوير صنع مواد التجهيز من هندسة صناعية وطنية تسمح للبلاد بالانتقال من المرحلة الحالية المتميزة بتـراكم التقنيات إلـى مراحل إنتـاج الآلات و بناء المصانع اعتمادا على الإمكانيات الوطنية في الدراسات و الإنجاز.
ب – تحقيق التكامل و الانسجام بين الصناعة و القطاعات الاقتصادية الأخرى:
إن توطيد التكامل الاقتصادي في إطار تنمية شاملة متزنة، يرتكز على البحث المنهجي عن التكامل و الانسجام بين الصناعة و القطاعات الاقتصادية الأخرى. و بهذا الصدد ينبغي أن تؤدي هذه القطاعات دورا رئيسيا و أن تكون هـي غاية التنميـة و محركـها. و سوف تتطوّر الصناعة لتلبية حاجيات هذه القطاعات أساسا مع العلم أن الأولويات سترتب حسب الحاجة .
ﺠ – تدعيم صناعة متنوعة و تطويرها.
د – ترقية الصناعات التي تضمن بلوغ التقدم التكنولوجي.
ه – ترقية الصناعة الصغيرة و المتوسطة و تنشيط الصناعات التقليدية.
المبحث الثاني : تطور الاقتصاد الجزائري بعد الاستقلال (1962-1966)
سنحاول في هذا المبحث إعطاء صورة حول الوضع الذي كان عليه الاقتصاد الجزائري فجر الاستقلال و كيف كان تصرف الحكومة الأولى أمام هذا الوضع الحرج.
1- الاقتصاد الجزائري غداة الاستقلال
كان الوضع الذي واجهته الحكومة الأولى سنة 1962 وضعا صعبا للغاية حيث أن سبع سنوات من الحرب و التخريب الاستعماري دمرت بموجبه البنية التحتية و الهياكل الاقتصاديـــــة لاسيما سنوات 61/62 و سياســـة الأرض المحروقة التي انتهجتها منظمة الجيش السري المنتمية للمعمرين، و قد تدهورت الحالة الاقتصادية خلال هذه المرحلة و زادت تعقيدا و تجلى ذلك في مايلي:
· غادر ما يقرب من مليون معمر الجزائر في بضعة شهور تاركين مزارعهم و نشاطاتهم ووظائفهم (50000 إطار سامي، 35000 إطار متوسط، 100000 عامل مهني)، و قد سد الجزائريون هذا الفراغ بما لديهم من وسائل و إمكانيات بسيطة رغم أن غالبية السكان يقيمون في الأرياف و 90 % منهم أميون
· أخذ المعمرون مدخراتهم و رؤوس أموالهم، ففي سنة 1962 قدرت قيمة الأموال المحولة للخارج بــ 500 مليون فرنك فرنسي شهريا، و في جوان من نفس السنة تم تحويل ما قيمته 750 مليون فرنك فرنسي من الجزائر إلى فرنسا عبر القنوات البنكية، ناهيك عن التحويلات غير البنكية
· انجر عن رحيل المعمرين الذيــن كانــوا يضمنون تسيير الآلـة الاقتصادية و الإدارة العموميـة و توقف الاستثمارات المبرمجـة في مشروع قسنطينة إلى تراجع الإنتاج الصناعـي بشكل واضـح باستثناء القطاع البترولي، فما بين 62/63 تم غلـق أكثر من 100 مؤسســـة صناعية، كما توقــف عن النشاط أكثر من 1400 مؤسسة من مجموع 2000 مؤسسة صناعية بسيطة، و بموجب ذلك انخفض الإنتاج الصناعي ما بين 60/63 بنسبة 35 % و في نهاية 1963 بلغت نسبة الانخفاض 55 %
· وجود حوالي ما بين (11-12) مليون جزائري تتهددهم المجاعة، مليوني فلاح خرجوا من سجون الاستعمار، 70% من السكان العاملين في حالة بطالة.
الصناعة التي تركها المعمر تتميز بحجم صغير، انعدام الترابط الخلفي و الأمامي بينها، أما لمؤسسات التــي يمتلكها الجــزائريون فعموما تخــص الصناعات الحرفية و تفتقر لرؤوس الأموال، في حين استمرت فـــــروع الشركات المتعــددة الجنسيات في النـشاط إلى غايـة
التأميمات مثل: ALLUMAF, RENAULT, BERLIET,. PHILIS, CABLAF, ,SNAF,
· فجر الاستقلال كانت الزراعة و الخدمات تمثل 73% من إجمالي الإنتاج، و 20% من الإنتاج الصناعي تمثل مدخلات للصناعات الثقيلة بمفهومG.Debernis في حين نجد الصناعة الغذائية المعتمدة على التحويل البسيط لمنتجات القطاع الزراعي تستحوذ على 45 %من إجمالي الإنتاج للقطاع الثانوي.
2- فترة الانتظار(62 - 65)
هي الفترة التي لم تظهر فيها دولة بالمفهوم الاقتصادي، أي الدولة التي تتحمل أعباء التنمية، و لذلك تميزت السياسة الاقتصادية خلال هذه الفترة بالبطء و تراجع النمو و انعدام الرؤية الاقتصادية المستقبلية، و قد زاد الوضع الاقتصادي تعقيدا خـــلال هذه الفترة أمام الافــتقار إلى الإطارات المسـيرة في القطاعات الإدارية و الاقتصادية و التجارية و نقص الخبراء في مجال العلوم و التكنولوجيا و الشؤون المالية.
و أمام هذا الواقع الصعب لم يكن أمام القادة الجزائريون آنذاك سوى الاحتفاظ بالأجهزة الموروثة عن العهد الاستعماري: من مسيرين، و قوانين و مراسيم و ممارسات كانت قائمة
قبل الاستقلال بالإضافة على الاستمرار في تنفيذ المشاريع المبرمجة في إطار مشروع قسنطينة (1959-1964) التي اعتبرت ضــرورة لا يمكــن الاستغناء عنها، و استنادا إلى ما تنص عليه معاهدة أيفيان 1962، تتعهد الدولة الفرنسية بتقديم الدعــم المالي و التقنــي للدولة الجزائرية الناشئة من أجل إحياء المشاريع المعطلة في مشروع قسنطينة و إكمالها.
كما ورثت الجزائر بعض الهياكــل و المنشآت الاقتصادية و الاجتماعية، مما سمــح لها بالشروع في العمليــة التنموية دون استثمارات مقابلة: الطرق المعبدة، خطوط النقل، الخطوط الحديدية، مطارات صغيرة، نــوادي و مؤسسات اجتماعية و إدارية، مجموعة من المدارس و هياكــل التكوين، الكشف عن بعض الخامات و المعادن، حوالي 1300 فني جزائري، 120 طبيب و خمسة مهندسين، و نتيجة لهذا الوضع جاءت سياسة الجزائر خلال هذه الفترة منصبة على مايلي:
· الإبقاء على الوضع الموروث عن الاستعمار و تركيز الجهود لتأمين معيشــة 12 مليون جزائــري مهــددون بالجوع
· محاولة إيجاد حلول لعدة تناقضات كالبطالــة و توفر الأراضــي الزراعية، التناقض بين الصفـة الاستعماريـة للاقتصاد الجزائري و بين حاجيات المواطنين.
· محاولة الاستفادة من الامتيازات المقدمة من طرف الحكومة الفرنسية بناء على ما تم في اتفاقيات أيفيان.
بالإضافة إلى ذلك برزت إرادة قوية لفرض رقابة إدارية علـى النشاط الاقتصادي، و احتكار الدائـــرة الماليــة و دائــرة التخطيط باعتباريهما مجالا حيويا لممارسة السلطة الاقتصاديــة، أي التوجــه نحو ميكانيزمات التخطــيط المركزي ليس فقط لوظائف الاستثمار و لكن حتى وظائف الإنتاج و التوزيع التجاري، فالدولة هي أكبر مستثمر، أكبر مستهلك، أكبر مشغل وأول بنكي في البلاد، و في هذا الإطار تم الإعلان عن الأملاك التي تركها المعمرون " أملاك شاغرة" و منح إدارتها سواء للجهاز الإداري ( الأملاك العقارية غير الزراعية ) أو للعمال الذيــــــــن يشتغلون فيها (الوحدات الصناعية و الزراعية و التجارية)، و هكذا ظهر نظامان في إدارة الوحدات الاقتصادية:
· التسيير الذاتي للمزارع و الوحدات الصناعية الصغيرة الحجم التي تركها المعمرون تقدر بحوالي 330 مؤسسة بمجموع 3000 عامل في سنة 1964، و تخص الصناعات الغذائيـــة، مواد البناء، المحاجر وصناعـــة الخشـــب و عـدد محــدود من الوحدات في مجال الصناعات الحديدية و الميكانيكية و الكهربائية (مراسيم 1963 حول التسيير الذاتي).
· إنشاء دواوين وطنية مثل الديوان الوطني للحبوب، الديوان الوطني للتجارة، و الديوان الوطني للإصلاح الزراعي ONRA الذي يضمن تموين كل الأمــلاك المسيرة ذاتيا بمدخلات الإنتاج و تسويــق منتجاتها، الديوان الوطني للتوزيع ONACO الذي يمثل احتكار الدولة لعملية الاستيراد لقائمة واسعة من المنتجات و احتكار التصدير لبعض المنتجات الأساسية.
· إنشاء شركات وطنية، سواء على أساس هياكل موجودة سابقا مثل شركة الكهرباء و الغاز و الشركة الوطنية لنقل و تسويق المحروقات.
كما عملت السلطات الجزائرية إلى تأميم الأملاك الاستعمارية التي لم يتركها أصحابها مثل تأميم الأراضي الزراعية و المناجم سنة 1963، ثم الشركات البترولية الأنجلوسكسونية و البنوك سنوات 1966/1967، موازاة مع ذلك و نتيجة للتخوف من هروب رؤوس الأموال شرعت السلطات الجزائرية في الرقابة على السياسة النقدية و المالية و ذلك بإنشاء البنك المركزي 1963، الدينار الجزائري 1964، فرض رقابة على الصرف مــع منطقة الفرنك ابتداء من أكتوبر 1963 و عدم قابلية الدينار الجزائري للتحويل، الرقابة على التجارة الخارجية.
من ناحية أخرى و بفضل التمويل الخارجي، أنشأت الدولة مشاريع إنتاجية في قطاعات: النسيج، الجلود، المواد الغذائية، في إطار مخطط استعجالي للتنمية الصناعية 1962 إلا أن الركود الاقتصادي العام لم
يسمح بنموها، و عموما يمكن القول أن هذه الفترة تميزت بتعايش أربع قطاعات ضمن الصناعة الجزائرية:
· قطاع التسيير الذاتي المتكون من المؤسسات الصغيرة و المتوسطة التي كانت ملكا للمعمرين، و الذي واجه العديد من المشاكل منها ما يخص التمويل، نقص الموارد البشرية المؤهلة، التموين، التسويق و عدم رغبة الدولة في الاستمرار في هذا النوع من التسيير، و لذلك انتقلت مجـمـوع الوحدات المسيرة ذاتـــيا تدريـجيا تحت رقابــة الشركات الوطنية بعد إنشاء القطاع العام، ففي سنة 1973، أصبح القطاع الصناعي المسير ذاتيا يمثل اقل مــــن 0.3% من اليد العاملة الإجمالية
· قطاع خاص أجنبي ممثلا في الشـركات الفرنسية التي كانت لـها فـروع في الجزائـر بالإضافة إلى الشركات المتعددة الجنسيات العاملة في حقول البترول و الغاز،
· قطاع خاص وطني ناشئ للمقاولين الجزائريين الخواص، لا يحظى بدعم السلطات العموميــة، " فصدور قانون الاستثمارات سنة 1963 مثلا كان يتعلق فقط بالاستثمارات الأجنبيـة، و هو ما يعنـــي ضمنيا منع الاستثـمار الخاص الوطنــي، و في نفس السنة تم تعيين مندوبــين عن الحكومة في كل شركـة خاصــة بهدف التحضير لإدماجهم في نظام التسيير الذاتي " (2)
· قطاع عمومي نامي ابتداء من سنة 1966 ورث ملكياته عن المستعمر أو كون من طرف الدولة.
هذا، و يحق لنا أن نتساءل لماذا خلال كل هذه الفترة لم يتم إنشاء القطاع العام إلى غاية سنة 1966، و امتازت بركود اقتصادي، فلا البرجوازية الأجنبية و لا المحلية أخذت بزمام المبادرة لإدارة النشاط الاقتصادي، بل كانت استراتيجيـــة الرأسمال الأجنبي الفرنسي هو احتكار قطاع المحروقات و تفضيله عن القطاع الزراعـــي أو حتى التصنيع.
و مما تجدر الإشارة إليه كذلك أنه رغم ضبابية الرؤية حول مستقبل التنمية الاقتصادية في هذه الفترة، إلا أنـــه اتخذت بعض القرارات تعد هامة الأثر لمستقبل الاقتصاد الجزائري للسنوات العشر قادمة نذكر منها:
· رفض الاستعانة بالخبرات الأجنبية ماعدا في بعض المجالات التقنية ( الأشغال العمومية، الاتصالات)، وكان لهذا القرار تكلفته من حيث عدم اكتساب الخبرة المهنية بصفة سريعة،
· اعتبار نشاط الوساطـة الاقتصاديـة خارج القانون و نشاط طفيلـي، و هو ما جعل أسـواق السلـع و الخدمات لا تشتغـل بصفـة جيــدة لكـــون نشاطات الوساطـة غـــير محددة و غير منظمة.
· شكلت سياسة الأجور المنخفضة منذ 1962 تحد صعب في منتصف السبعينات و دفعت إلى ظهور الرشــوة،
· تحديد الضريبـة على دخل الشركات إلى مستوى 90% أدى إلى ظـهور التهرب الضريبــــــي و
التوجـه نحو الاقتصاد الموازي ( الخفي).
3- السياسة الاقتصادية الجزائرية بعد سنة 1965
إن جزائر السبعينات، اتحاد السوفيتي العشرينات و هند و مصر الخمسينات و الستينات، اعتبرت التخطيط بمثابة الأداة الوحيدة لوضع أسس سياسة فعلية للاستثمار و برنامج سريع للتنمية.
فالملاحظ أنه قبل سنة 1965 كان التخطيط مقتصرا على إعداد ميزانيات التجهيز السنوية و المخططات القصيرة المدى (قوانين المالية) و ذلك بسبب نقص الإطارات الكفؤة، انعدام جهاز للإحصاء، ضعف القطاع الاقتصادي العمومي، تمركز جل القطاعات الاقتصادية في أيدي الأجانب، بالإضافة إلى الأثر الواضح للدعم المالي و التقني الفرنسي، كل ذلك حال دون قيام سياسة تخطيط جادة و فعالة.
أول خطوة اتخذتها السلطة الجديدة المنبثقة عن التصحيح الثوري 19 جوان 1965 هي إعادة هيكلة أجهزة الدولة (إنشاء مجلس الثورة 1965، المجلس الشعبي البلدي 1966، محكمة الثورة 1968، المجلس الاقتصادي و الاجتماعي، بالإضافة إلى صدور قوانين جديدة سنة 1967 مثل قانون الاستثمار، قانون الوظيف العمومـــي، قانون الإجراءات المدنية، قانون الإجراءات الجزائية...) و إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني دعما لسياسة التخطيط التي بدأت سنة 1965 حيث طلبت السلطات العمومية الجزائرية دعم و مساعدة فريق من خبراء البنك العالمي، الذي اقترح على الجزائر برنامجا تنمويا عد في نظر الجزائــــر أنه تابع و نيوكولونيالي، فرفــض هذا الأخــير باعتباره لا يتماشى و طموحات الجزائر، بعدها أجريت اتصالات مع هيئة التخطيط المركزية السوفيتية GOSPLAN و بالتعاون مع خبراء جزائريين بهدف رسم خطة تنموية طويلة المدى (1965 – 1980 ) و قبلت هذه الأخيرة من طرف السلطات العمومية الجزائرية.
تميزت السياسة الاقتصادية بعد سنة 1965 بخصائص نلخصها كالآتي:
· الانتقال من مرحلة الانتظار إلى تجسيد اتجاه اقتصادي جديد و ذلك بتبني النظام الاشتراكي كخيار سياسي و احتكار الدولة لجميع الأنشطة الاقتصادية الاستراتيجية و عدم السماح للقطاع الخاص وطني أو أجنبي أن يتولى عملية التنمية، حيث قرر مجلس الثورة سنة 1966 مبدأ التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المبنية على التخطيط المركزي و مبدأ التدخل المباشر للدولة في الاستثمارات الإنتاجية.
· البحث عن استقلال اقتصادي صناعي حقيقي مستقبلي بعد الحصول على الاستقلال السياسي، و لذلك جاءت السياسة الاقتصادية في شكل مخطط اقتصادي شامل و طويل المدى (إلى غاية 1980) يحدد الاتجاه العام للتنمية في الجزائر و هو موزع على خطط اقتصادية ثلاثية و رباعية و الهدف من ذلك هو القضاء على التخلف و الخروج من دائرته في آفاق الثمانينات.
· ظهور الظروف الموضوعية لإتباع سياسة تنموية سريعة و ذاتية تعتمد على الصناعات الثقيلة لاسيما في مجال الحديد و الصلب و الطاقة و تثمين قطاع المحروقات، و مثلت ملكية الدولة قلب هذا النموذج بعد إعادة تنظيم النشاط الاقتصادي في شكل شركات وطنية (تحولت فيما بعد إلى مؤسسات اشتراكية)، و اعتمدت المؤسسة العمومية كأداة لتنفيذه، ففي كل قطاع ( باستثناء الأشغال العمومية و الري) أنشأت مؤسسة عمومية صناعية تحتكر نشاط الفرع و مؤسسة عمومية للتسويق تحتكر نشاط التوزيع و الاستيراد و التصدير، وبهذه الصورة توسع القطاع العام و تقلص نفوذ البرجوازية الناشئة.
· تبعا لذلك تم في المجال المالي تأميم جميع البنوك و الأجهزة المالية في 1966 و احتكارها من قبل الدولة بهدف التحكم في آليات الإعتمادات المالية و توجيهها للتنميةّ، ثم تجميعها بعد ذلك في سنة 1969 بعد تأسيس البنك الوطني الجزائري، البنك الخارجي الجزائري و القرض الشعبــي الجزائــري، تأميم الشركات البترولية الأنجلوسكسونيــة في جــوان1967، ثم مجمــوع السوق البتروليــة فــي مــاي و جوان 1968.
· في مجال الزراعة ركزت السياسة الحكومية على تحسين و تنظيم القطاع الزراعي(إعادة توزيع الأراضي، هيكلة المزارع، تخطيط الإنتاج…) و زيادة الطاقة الإنتاجية الطبيعية (تقليص نظام التبوير، استصلاح أراضي جديدة…) و زيادة التشغيل و تنظيمه(زيادة كفاءة العمل، إعادة توزيع الملكية، محاربة التغيب عن الأرض…).
· في مجال التجارة الخارجية تم التركيز على تنويع التجارة الخارجية (حصة فرنسا في المبادلات التجارية تقلصت إلى 45 % من الواردات و 53 % من الصادرات لصالح شركاء مثل ألمانيا، الولايات المتحدة الأمريكية و ايطاليا) و احتكارها من طرف القطاع العام لمنع هروب رؤوس الأموال إلى الخارج و توجيه جل الاعتمادات المالية لصالح التنمية، اعتماد سياسة جمركية تحارب الاستهلاك الطفيلي و ترشيد الاستهلاك الوطني، تهيئة و حماية سوق المنتجات المحلية الجديدة.
الأسس الإيديولوجية لإستراتيجية التنمية في الجزائر
عشية الاستقلال ورثت الجزائر اقتصادا مشوه، مفكك و متناقص داخليا غير متوازن سواء بين فروع إنتاج القطاع الواحد أو بين القطاعات، قد انعكس عنه وضع اجتماعي أكثر تجسيدا للتخلف متمثل في الثالوث الجهنمي :الجهل، الفقر و المرض.
و أمام هذه الوضعية المتدهورة بادرت السلطات الوطنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة تمثلت في إصدار قوانين و مراسيم تحاول تنظيم النشاطات الاقتصادية و قطاعاته، و قد كان ذلك من خلال البرامـج و المواثيق حيث سطـرت الخطوط العريضة للتنميـة و التي نجد انعكاسا لها في مخططات متتالية يحتل فيها التصنيع مكانا مركزيا من اجل بناء اقتصاد وطنـي قـوي معتمدين آنذاك على النظــام الاشتراكي كخيـار سياسـي و اقتصادي قصد تحقيق أهداف التنمية المرغوبة. و قد اختارت الجزائر الصناعات القاعدية كنموذج للتنمية لما تمتاز به من توفير الفائدة، و لهذه الصناعات ترابط خلفي و أمامي وهي تسمح بدفع عجلة الاستثمارات من شأنها أن ترفع إنتاجية القطاعات الأخرى المتعددة و هي تتطلب رأسمال مكثف و تسمح للإنتاجية التي توفرها العامل الواحد لإنشاء فائض اقتصادي و توفير رأسمال، و على العموم هذه الصناعات تضمن تنمية مستقلة على المدى الطويل بالنسبة للاقتصاد الوطني.
المطلب الأول: إستراتيجية التنمية من خلال برنامج طرابلس 1962
قامت بإعداده جبهة التحرير الوطني و تبناه المجلس الوطني للثورة في جوان 1962، و ينص هذا المشروع على أن: " التنمية الحقيقية للبلاد على المدى الطويل لوثيقة الصلة بإقامة صناعات قاعدية ضرورية لتلبية احتياجات زراعية عصرية، و لهذا الغرض، توفر الجزائر إمكانيات ضخمة للصناعات البترولية و صناعة الحديد و الصلب. و في هذا المجال، يتعين على الدولة أن توفر الشروط اللازمة لإنشاء صناعة ثقيلة. و يجب ألا تساهم الحكومة في إقامة قاعدة صناعية لصالح البرجوازية المحلية على غرار ما حدث في عدة بلدان لاسيما عندما تستطيع أن تضع حدا لتنميتها باتخاذ إجراءات ملائمة "
من هذا البرنامج يمكن أن نستخلص ما يلي:
- إن التنمية الحقيقية للبلد تكون عن طريق بناء صناعة قاعدية و هذا لوجود موارد طبيعية متوفرة في البلد.
- ضرورة ربط القطاع الصناعي بالقطاع الزراعي بمعنى منتجات الصناعة القاعدية تكون متجهة لتلبية احتياجات القطاع الزراعي.
- ضرورة تدخل الدولة في تحقيق تلك التنمية لعدم قدرة رأس المال الخاص على القيام بهذه المؤسسات. ضمن هذا، فإن البرنامج وضع الأهداف الطموحة على المدى البعيد و أكد على ضرورة قيام صناعة ثقيلة إلا أنه يبقى متحفظا بأعلى درجة في صياغة السياسة التصنيعية حيث ينص في هذا المضمار"يجب على الدولة أن توجه مجهوداتها في تجاه إتقان الصناعة الحرفية و إقامة الصناعة الصغيرة محلية كانت أو جهوية و هذا لاستغلال المواد الأولية ذات الصفة الزراعية"، عموما أن برنامج طرابلس يعطي الصناعات القاعدية الأولوية و يقترح إقامة صناعة للحديد و الصلب نظرا لوجود الموارد الطبيعية المناسبة لتطويره
المطلب الثاني: إستراتيجية التنمية من خلال المواثيق
الفرع الأول: ميثاق الجزائر 1964
قامت بإعداده جبهة التحرير الوطني و تبناه المؤتمر الأول لجبهة التحرير الوطني في أفريل 1964، و نص هذا الميثاق على أن السياسة الاقتصادية للبلاد يمكن إدراجها في النقاط التالية:
- خلق مناصب عمل جديدة طبقا لما تسمح به الربحية العامة للمؤسسة؛
- تـوفير مواد الاستهلاك المحلي، و هذا يعني تخفيض استيراد مـواد الاستهـلاك و زيادة تصدير المواد نفسها. و نتيجة لهذا العمل يجب أن تظهر أيضا في تمهيد مسائل جديدة للإنتاج الفلاحي ووضع قاعدة لتطويرها؛
- إقامة مجمعات جديدة كقاعدة لبناء صناعة ثقيلة بالجزائر، غير أن إقامة مثل هذه المجمعات يستلزم توفير أسواق كبيرة لضمان الربحية المرجوة .
الفرع الثاني: الميثاق الوطني 1976/1986
أولا: الميثاق الوطني 1976
كان الميثاق الوطني قد نوقش و صودق عليه من خلال استفتاء شعبي جرى يوم 27 جوان 1976، ترتكز أطروحات الميثاق الوطني حول التصنيع في الفصلين المتعلقين ﺒـ " الثورة الصناعية" و " الأهداف الكبرى للتنمية". على وجه التحديد نستعرض بعض المقتبسات من الميثاق التي تمكننا من تعيين طابع هذه العملية :
" للتصنيع في الجزائر مدلول و أبعاد ثورة حقيقية. ذلك أنه، مثل الثورتين الثقافية و الزراعية، يجعل ضمن أهدافه المتمثلة في عمليات الاستثمار، و ما يحدثه مـن أنشطة، و ضمن تحويل علاقات الإنتاج الناجمة عن الاختيار الاشتراكي، التغيير العميق للإنسان، و إعادة تشكيل المجتمع في نفس الوقت الذي يعمل فيه على تغيير ملامح البلاد" .
يتضح من هذا النص أن وظيفة التصنيع ترمي إلى إحداث تغييرات عميقة في البنيان الاقتصادي للبلاد، لنقله من اقتصاد تقليدي يعتمد، بصفة أساسية، على الأنشطة الزراعية، إلى اقتصاد عصري تتداخل و تتكامل فيه الأنشطة الإنتاجية المتميزة بتكثيف المبادلات بين فروع قطاع اقتصادي واحد، أو بين قطاعات اقتصادية متعددة، بحيث تؤدي إلى تنمية شاملة و منسجمة.
و من ناحية أخرى فإن الثورة الصناعية تندرج في عملية رفع مستوى المعيشة لكل مواطن. فهي ليست مجرد أسلوب لتراكم رأس المال، بل إنها تهدف إلى القضاء على البطالة، و تحسين الظروف الحياتية للعمال، و إعادة توزيع الدخل القومي، من أجل ترقية الجماهير المحرومة. فضلا عن هذا، فإن التصنيع هو وسيلة فعالة لتحديث الحياة الاقتصادية و الاجتماعية فهو يدخل العلوم و التقنية و التكنولوجيا في حياة المجتمع
ثانيا : الميثاق الوطني 1986
قامت بإعداد جبهة التحرير الوطني و نوقش و صودق عليه من خلال استفتاء شعبي جرى يوم 16 جانفي 1986 كانت تهدف التنمية الصناعية من خلال هذا الميثاق إلى:
أ –تزويد البلاد بصناعة شاملة و متوازنة :
بمعنى هيكلة النسيج الصناعي و تكثيفه أي جعل العلاقات القائمة بين مختلف فروع الإنتاج و الخدمات أكثر انتظاما حتى تتعزز المبادلات بين الصناعات، كما تعتبر عملية التصنيع أداة فعالة و حاسمة في بناء اقتصاد حديث و تحسين الإنتاج و إقامة صناعة مصنعـة و تدعيـم الصناعة الثقيلة. كل ذلك من شأنه أن يساعد على تحقيـق التكـامل و الاندماج في جميع المجالات.
1)– مواصلة تنمية الصناعات الأساسية:
إن الصناعات القاعدية، كصناعة الحديد و الصلب، باعتبارها الأساس الذي يعتمد عليه تصنيع البلاد. و لهذا فالطاقة الإنتاجية المتوفرة في هذه الصناعات لابد من تطوريها و تحسين مستوى استخدامها كي تكون سندا لإعادة تجديدها و توسيعها.
2) – تمكين صناعة وسائل التجهيز من تأدية دور أساسي:
ويتم ذلك عن طريق تطوير صنع مواد التجهيز من هندسة صناعية وطنية تسمح للبلاد بالانتقال من المرحلة الحالية المتميزة بتـراكم التقنيات إلـى مراحل إنتـاج الآلات و بناء المصانع اعتمادا على الإمكانيات الوطنية في الدراسات و الإنجاز.
ب – تحقيق التكامل و الانسجام بين الصناعة و القطاعات الاقتصادية الأخرى:
إن توطيد التكامل الاقتصادي في إطار تنمية شاملة متزنة، يرتكز على البحث المنهجي عن التكامل و الانسجام بين الصناعة و القطاعات الاقتصادية الأخرى. و بهذا الصدد ينبغي أن تؤدي هذه القطاعات دورا رئيسيا و أن تكون هـي غاية التنميـة و محركـها. و سوف تتطوّر الصناعة لتلبية حاجيات هذه القطاعات أساسا مع العلم أن الأولويات سترتب حسب الحاجة .
ﺠ – تدعيم صناعة متنوعة و تطويرها.
د – ترقية الصناعات التي تضمن بلوغ التقدم التكنولوجي.
ه – ترقية الصناعة الصغيرة و المتوسطة و تنشيط الصناعات التقليدية.
- sofiavetementعضو جديد
- عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 12/11/2012
sarah.
الإثنين نوفمبر 12, 2012 1:00 am
[quote="e-nour"]
تطور الاقتضاد الجزائري بعد الاستقلال 1692-1966
سنحاول في هذا المبحث إعطاء صورة حول الوضع الذي كان عليه الاقتصاد الجزائري فجر الاستقلال و كيف كان تصرف الحكومة الأولى أمام هذا الوضع الحرج.
كان الوضع الذي واجهته الحكومة الأولى سنة 1962 وضعا صعبا للغاية حيث أن سبع سنوات من الحرب و التخريب الاستعماري دمرت بموجبه البنية التحتية و الهياكل الاقتصاديـــــة لاسيما سنوات 61/62 و سياســـة الأرض المحروقة التي انتهجتها منظمة الجيش السري المنتمية للمعمرين، و قد تدهورت الحالة الاقتصادية خلال هذه المرحلة و زادت تعقيدا و تجلى ذلك في مايلي:
· منهم أميون
[b]· انجر عن رحيل المعمرين الذيــن كانــوا يضمنون تسيير الآلـة الاقتصادية و الإدارة العموميـة و توقف الاستثمارات المبرمجـة في مشروع قسنطينة إلى تراجع الإنتاج الصناعـي بشكل واضـح باستثناء القطاع البترولي، فما بين 62/63 تم غلـق أكثر من 100 مؤسســـة صناعية، كما توقــف عن النشاط أكثر من 1400 مؤسسة من مجموع 2000 مؤسسة صناعية بسيطة، و بموجب ذلك انخفض الإنتاج الصناعي ما بين 60/63 بنسبة 35 %وجود حوالي ما بين (11-12) مليون جزائري تتهددهم المجاعة، مليوني فلاح خرجوا من سجون الاستعمار، 70%الصناعة التي تركها المعمر تتميز بحجم صغير، انعدام الترابط الخلفي و الأمامي بينها، أما لمؤسسات التــي يمتلكها الجــزائريون فعموما تخــص الصناعات الحرفية و تفتقر لرؤوس الأموال، في حين استمرت فـــــروع الشركات المتعــددة الجنسيات في النـشاط إلى غايـة
. PHILIS, CABLAF, ,SNAF,
· من إجمالي الإنتاج، و 20% في حين نجد الصناعة الغذائية المعتمدة على التحويل البسيط لمنتجات القطاع الزراعي تستحوذ على 45 %2- فترة الانتظار(62 - 65)
و أمام هذا الواقع الصعب لم يكن أمام القادة الجزائريون آنذاك سوى الاحتفاظ بالأجهزة الموروثة عن العهد الاستعماري: من مسيرين، و قوانين و مراسيم و ممارسات كانت قائمة
في تنفيذ المشاريع المبرمجة في إطار مشروع قسنطينة (1959-1964) التي اعتبرت ضــرورة لا يمكــن الاستغناء عنها، و استنادا إلى ما تنص عليه معاهدة أيفيان 1962، تتعهد الدولة الفرنسية بتقديم الدعــم المالي و التقنــي للدولة الجزائرية الناشئة من أجل إحياء المشاريع المعطلة في مشروع قسنطينة و إكمالها.
الإبقاء على الوضع الموروث عن الاستعمار و تركيز الجهود لتأمين معيشــة 12 مليون جزائــري مهــددون بالجوع
· محاولة الاستفادة من الامتيازات المقدمة من طرف الحكومة الفرنسية بناء على ما تم في اتفاقيات أيفيان.
التسيير الذاتي للمزارع و الوحدات الصناعية الصغيرة الحجم التي تركها المعمرون تقدر بحوالي 330 مؤسسة بمجموع 3000 عامل في سنة 1964، و تخص الصناعات الغذائيـــة، مواد البناء، المحاجر وصناعـــة الخشـــب و عـدد محــدود من الوحدات في مجال الصناعات الحديدية و الميكانيكية و الكهربائية (مراسيم 1963 حول التسيير الذاتي).
· الذي يضمن تموين كل الأمــلاك المسيرة ذاتيا بمدخلات الإنتاج و تسويــق منتجاتها، الديوان الوطني للتوزيع ONACOإنشاء شركات وطنية، سواء على أساس هياكل موجودة سابقا مثل شركة الكهرباء و الغاز و الشركة الوطنية لنقل و تسويق المحروقات.
من ناحية أخرى و بفضل التمويل الخارجي، أنشأت الدولة مشاريع إنتاجية في قطاعات: النسيج، الجلود، المواد الغذائية، في إطار مخطط استعجالي للتنمية الصناعية 1962 إلا أن الركود الاقتصادي العام لم
قطاع التسيير الذاتي المتكون من المؤسسات الصغيرة و المتوسطة التي كانت ملكا للمعمرين، و الذي واجه العديد من المشاكل منها ما يخص التمويل، نقص الموارد البشرية المؤهلة، التموين، التسويق و عدم رغبة الدولة في الاستمرار في هذا النوع من التسيير، و لذلك انتقلت مجـمـوع الوحدات المسيرة ذاتـــيا تدريـجيا تحت رقابــة الشركات الوطنية بعد إنشاء القطاع العام، ففي سنة 1973، أصبح القطاع الصناعي المسير ذاتيا يمثل اقل مــــن 0.3%قطاع خاص أجنبي ممثلا في الشـركات الفرنسية التي كانت لـها فـروع في الجزائـر بالإضافة إلى الشركات المتعددة الجنسيات العاملة في حقول البترول و الغاز،
· (2) [/b]
· هذا، و يحق لنا أن نتساءل لماذا خلال كل هذه الفترة لم يتم إنشاء القطاع العام إلى غاية سنة 1966، و امتازت بركود اقتصادي، فلا البرجوازية الأجنبية و لا المحلية أخذت بزمام المبادرة لإدارة النشاط الاقتصادي، بل كانت استراتيجيـــة الرأسمال الأجنبي الفرنسي هو احتكار قطاع المحروقات و تفضيله عن القطاع الزراعـــي أو حتى التصنيع.
رفض الاستعانة بالخبرات الأجنبية ماعدا في بعض المجالات التقنية ( الأشغال العمومية، الاتصالات)، وكان لهذا القرار تكلفته من حيث عدم اكتساب الخبرة المهنية بصفة سريعة،
· شكلت سياسة الأجور المنخفضة منذ 1962 تحد صعب في منتصف السبعينات و دفعت إلى ظهور الرشــوة،
· أدى إلى ظـهور التهرب الضريبــــــي و
3- السياسة الاقتصادية الجزائرية بعد سنة 1965
فالملاحظ أنه قبل سنة 1965 كان التخطيط مقتصرا على إعداد ميزانيات التجهيز السنوية و المخططات القصيرة المدى (قوانين المالية) و ذلك بسبب نقص الإطارات الكفؤة، انعدام جهاز للإحصاء، ضعف القطاع الاقتصادي العمومي، تمركز جل القطاعات الاقتصادية في أيدي الأجانب، بالإضافة إلى الأثر الواضح للدعم المالي و التقني الفرنسي، كل ذلك حال دون قيام سياسة تخطيط جادة و فعالة.
و بالتعاون مع خبراء جزائريين بهدف رسم خطة تنموية طويلة المدى (1965 – 1980 ) و قبلت هذه الأخيرة من طرف السلطات العمومية الجزائرية.
الانتقال من مرحلة الانتظار إلى تجسيد اتجاه اقتصادي جديد و ذلك بتبني النظام الاشتراكي كخيار سياسي و احتكار الدولة لجميع الأنشطة الاقتصادية الاستراتيجية و عدم السماح للقطاع الخاص وطني أو أجنبي أن يتولى عملية التنمية، حيث قرر مجلس الثورة سنة 1966 مبدأ التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المبنية على التخطيط المركزي و مبدأ التدخل المباشر للدولة في الاستثمارات الإنتاجية.
· ظهور الظروف الموضوعية لإتباع سياسة تنموية سريعة و ذاتية تعتمد على الصناعات الثقيلة لاسيما في مجال الحديد و الصلب و الطاقة و تثمين قطاع المحروقات، و مثلت ملكية الدولة قلب هذا النموذج بعد إعادة تنظيم النشاط الاقتصادي في شكل شركات وطنية (تحولت فيما بعد إلى مؤسسات اشتراكية)، و اعتمدت المؤسسة العمومية كأداة لتنفيذه، ففي كل قطاع ( باستثناء الأشغال العمومية و الري) أنشأت مؤسسة عمومية صناعية تحتكر نشاط الفرع و مؤسسة عمومية للتسويق تحتكر نشاط التوزيع و الاستيراد و التصدير، وبهذه الصورة توسع القطاع العام و تقلص نفوذ البرجوازية الناشئة.
· في مجال الزراعة ركزت السياسة الحكومية على تحسين و تنظيم القطاع الزراعي(إعادة توزيع الأراضي، هيكلة المزارع، تخطيط الإنتاج…) و زيادة الطاقة الإنتاجية الطبيعية (تقليص نظام التبوير، استصلاح أراضي جديدة…) و زيادة التشغيل و تنظيمه(زيادة كفاءة العمل، إعادة توزيع الملكية، محاربة التغيب عن الأرض…).
· من الواردات و 53 %الأسس الإيديولوجية لإستراتيجية التنمية في الجزائر
اقتصادا مشوه، مفكك و متناقص داخليا غير متوازن سواء بين فروع إنتاج القطاع الواحد أو بين القطاعات، قد انعكس عنه وضع اجتماعي أكثر تجسيدا للتخلف متمثل في الثالوث الجهنمي :و أمام هذه الوضعية المتدهورة بادرت السلطات الوطنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة تمثلت في إصدار قوانين و مراسيم تحاول تنظيم النشاطات الاقتصادية و قطاعاته، و قد كان ذلك من خلال البرامـج و المواثيق حيث سطـرت الخطوط العريضة للتنميـة و التي نجد انعكاسا لها في مخططات متتالية يحتل فيها التصنيع مكانا مركزيا من اجل بناء اقتصاد وطنـي قـوي معتمدين آنذاك على النظــام الاشتراكي كخيـار سياسـي و اقتصادي قصد تحقيق أهداف التنمية المرغوبة. المطلب الأول: إستراتيجية التنمية من خلال برنامج طرابلس 1962
من هذا البرنامج يمكن أن نستخلص ما يلي:
سنحاول في هذا المبحث إعطاء صورة حول الوضع الذي كان عليه الاقتصاد الجزائري فجر الاستقلال و كيف كان تصرف الحكومة الأولى أمام هذا الوضع الحرج.
كان الوضع الذي واجهته الحكومة الأولى سنة 1962 وضعا صعبا للغاية حيث أن سبع سنوات من الحرب و التخريب الاستعماري دمرت بموجبه البنية التحتية و الهياكل الاقتصاديـــــة لاسيما سنوات 61/62 و سياســـة الأرض المحروقة التي انتهجتها منظمة الجيش السري المنتمية للمعمرين، و قد تدهورت الحالة الاقتصادية خلال هذه المرحلة و زادت تعقيدا و تجلى ذلك في مايلي:
· منهم أميون
[b]· انجر عن رحيل المعمرين الذيــن كانــوا يضمنون تسيير الآلـة الاقتصادية و الإدارة العموميـة و توقف الاستثمارات المبرمجـة في مشروع قسنطينة إلى تراجع الإنتاج الصناعـي بشكل واضـح باستثناء القطاع البترولي، فما بين 62/63 تم غلـق أكثر من 100 مؤسســـة صناعية، كما توقــف عن النشاط أكثر من 1400 مؤسسة من مجموع 2000 مؤسسة صناعية بسيطة، و بموجب ذلك انخفض الإنتاج الصناعي ما بين 60/63 بنسبة 35 %وجود حوالي ما بين (11-12) مليون جزائري تتهددهم المجاعة، مليوني فلاح خرجوا من سجون الاستعمار، 70%الصناعة التي تركها المعمر تتميز بحجم صغير، انعدام الترابط الخلفي و الأمامي بينها، أما لمؤسسات التــي يمتلكها الجــزائريون فعموما تخــص الصناعات الحرفية و تفتقر لرؤوس الأموال، في حين استمرت فـــــروع الشركات المتعــددة الجنسيات في النـشاط إلى غايـة
. PHILIS, CABLAF, ,SNAF,
· من إجمالي الإنتاج، و 20% في حين نجد الصناعة الغذائية المعتمدة على التحويل البسيط لمنتجات القطاع الزراعي تستحوذ على 45 %2- فترة الانتظار(62 - 65)
و أمام هذا الواقع الصعب لم يكن أمام القادة الجزائريون آنذاك سوى الاحتفاظ بالأجهزة الموروثة عن العهد الاستعماري: من مسيرين، و قوانين و مراسيم و ممارسات كانت قائمة
في تنفيذ المشاريع المبرمجة في إطار مشروع قسنطينة (1959-1964) التي اعتبرت ضــرورة لا يمكــن الاستغناء عنها، و استنادا إلى ما تنص عليه معاهدة أيفيان 1962، تتعهد الدولة الفرنسية بتقديم الدعــم المالي و التقنــي للدولة الجزائرية الناشئة من أجل إحياء المشاريع المعطلة في مشروع قسنطينة و إكمالها.
الإبقاء على الوضع الموروث عن الاستعمار و تركيز الجهود لتأمين معيشــة 12 مليون جزائــري مهــددون بالجوع
· محاولة الاستفادة من الامتيازات المقدمة من طرف الحكومة الفرنسية بناء على ما تم في اتفاقيات أيفيان.
التسيير الذاتي للمزارع و الوحدات الصناعية الصغيرة الحجم التي تركها المعمرون تقدر بحوالي 330 مؤسسة بمجموع 3000 عامل في سنة 1964، و تخص الصناعات الغذائيـــة، مواد البناء، المحاجر وصناعـــة الخشـــب و عـدد محــدود من الوحدات في مجال الصناعات الحديدية و الميكانيكية و الكهربائية (مراسيم 1963 حول التسيير الذاتي).
· الذي يضمن تموين كل الأمــلاك المسيرة ذاتيا بمدخلات الإنتاج و تسويــق منتجاتها، الديوان الوطني للتوزيع ONACOإنشاء شركات وطنية، سواء على أساس هياكل موجودة سابقا مثل شركة الكهرباء و الغاز و الشركة الوطنية لنقل و تسويق المحروقات.
من ناحية أخرى و بفضل التمويل الخارجي، أنشأت الدولة مشاريع إنتاجية في قطاعات: النسيج، الجلود، المواد الغذائية، في إطار مخطط استعجالي للتنمية الصناعية 1962 إلا أن الركود الاقتصادي العام لم
قطاع التسيير الذاتي المتكون من المؤسسات الصغيرة و المتوسطة التي كانت ملكا للمعمرين، و الذي واجه العديد من المشاكل منها ما يخص التمويل، نقص الموارد البشرية المؤهلة، التموين، التسويق و عدم رغبة الدولة في الاستمرار في هذا النوع من التسيير، و لذلك انتقلت مجـمـوع الوحدات المسيرة ذاتـــيا تدريـجيا تحت رقابــة الشركات الوطنية بعد إنشاء القطاع العام، ففي سنة 1973، أصبح القطاع الصناعي المسير ذاتيا يمثل اقل مــــن 0.3%قطاع خاص أجنبي ممثلا في الشـركات الفرنسية التي كانت لـها فـروع في الجزائـر بالإضافة إلى الشركات المتعددة الجنسيات العاملة في حقول البترول و الغاز،
· (2) [/b]
· هذا، و يحق لنا أن نتساءل لماذا خلال كل هذه الفترة لم يتم إنشاء القطاع العام إلى غاية سنة 1966، و امتازت بركود اقتصادي، فلا البرجوازية الأجنبية و لا المحلية أخذت بزمام المبادرة لإدارة النشاط الاقتصادي، بل كانت استراتيجيـــة الرأسمال الأجنبي الفرنسي هو احتكار قطاع المحروقات و تفضيله عن القطاع الزراعـــي أو حتى التصنيع.
رفض الاستعانة بالخبرات الأجنبية ماعدا في بعض المجالات التقنية ( الأشغال العمومية، الاتصالات)، وكان لهذا القرار تكلفته من حيث عدم اكتساب الخبرة المهنية بصفة سريعة،
· شكلت سياسة الأجور المنخفضة منذ 1962 تحد صعب في منتصف السبعينات و دفعت إلى ظهور الرشــوة،
· أدى إلى ظـهور التهرب الضريبــــــي و
3- السياسة الاقتصادية الجزائرية بعد سنة 1965
فالملاحظ أنه قبل سنة 1965 كان التخطيط مقتصرا على إعداد ميزانيات التجهيز السنوية و المخططات القصيرة المدى (قوانين المالية) و ذلك بسبب نقص الإطارات الكفؤة، انعدام جهاز للإحصاء، ضعف القطاع الاقتصادي العمومي، تمركز جل القطاعات الاقتصادية في أيدي الأجانب، بالإضافة إلى الأثر الواضح للدعم المالي و التقني الفرنسي، كل ذلك حال دون قيام سياسة تخطيط جادة و فعالة.
و بالتعاون مع خبراء جزائريين بهدف رسم خطة تنموية طويلة المدى (1965 – 1980 ) و قبلت هذه الأخيرة من طرف السلطات العمومية الجزائرية.
الانتقال من مرحلة الانتظار إلى تجسيد اتجاه اقتصادي جديد و ذلك بتبني النظام الاشتراكي كخيار سياسي و احتكار الدولة لجميع الأنشطة الاقتصادية الاستراتيجية و عدم السماح للقطاع الخاص وطني أو أجنبي أن يتولى عملية التنمية، حيث قرر مجلس الثورة سنة 1966 مبدأ التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المبنية على التخطيط المركزي و مبدأ التدخل المباشر للدولة في الاستثمارات الإنتاجية.
· ظهور الظروف الموضوعية لإتباع سياسة تنموية سريعة و ذاتية تعتمد على الصناعات الثقيلة لاسيما في مجال الحديد و الصلب و الطاقة و تثمين قطاع المحروقات، و مثلت ملكية الدولة قلب هذا النموذج بعد إعادة تنظيم النشاط الاقتصادي في شكل شركات وطنية (تحولت فيما بعد إلى مؤسسات اشتراكية)، و اعتمدت المؤسسة العمومية كأداة لتنفيذه، ففي كل قطاع ( باستثناء الأشغال العمومية و الري) أنشأت مؤسسة عمومية صناعية تحتكر نشاط الفرع و مؤسسة عمومية للتسويق تحتكر نشاط التوزيع و الاستيراد و التصدير، وبهذه الصورة توسع القطاع العام و تقلص نفوذ البرجوازية الناشئة.
· في مجال الزراعة ركزت السياسة الحكومية على تحسين و تنظيم القطاع الزراعي(إعادة توزيع الأراضي، هيكلة المزارع، تخطيط الإنتاج…) و زيادة الطاقة الإنتاجية الطبيعية (تقليص نظام التبوير، استصلاح أراضي جديدة…) و زيادة التشغيل و تنظيمه(زيادة كفاءة العمل، إعادة توزيع الملكية، محاربة التغيب عن الأرض…).
· من الواردات و 53 %الأسس الإيديولوجية لإستراتيجية التنمية في الجزائر
اقتصادا مشوه، مفكك و متناقص داخليا غير متوازن سواء بين فروع إنتاج القطاع الواحد أو بين القطاعات، قد انعكس عنه وضع اجتماعي أكثر تجسيدا للتخلف متمثل في الثالوث الجهنمي :و أمام هذه الوضعية المتدهورة بادرت السلطات الوطنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة تمثلت في إصدار قوانين و مراسيم تحاول تنظيم النشاطات الاقتصادية و قطاعاته، و قد كان ذلك من خلال البرامـج و المواثيق حيث سطـرت الخطوط العريضة للتنميـة و التي نجد انعكاسا لها في مخططات متتالية يحتل فيها التصنيع مكانا مركزيا من اجل بناء اقتصاد وطنـي قـوي معتمدين آنذاك على النظــام الاشتراكي كخيـار سياسـي و اقتصادي قصد تحقيق أهداف التنمية المرغوبة. المطلب الأول: إستراتيجية التنمية من خلال برنامج طرابلس 1962
من هذا البرنامج يمكن أن نستخلص ما يلي:
- ضرورة ربط القطاع الصناعي بالقطاع الزراعي بمعنى منتجات الصناعة القاعدية تكون متجهة لتلبية احتياجات القطاع الزراعي.
- المطلب الثاني: إستراتيجية التنمية من خلال المواثيق
قامت بإعداده جبهة التحرير الوطني و تبناه المؤتمر الأول لجبهة التحرير الوطني في أفريل 1964، و نص هذا الميثاق على أن السياسة الاقتصادية للبلاد يمكن إدراجها في النقاط التالية:- تـوفير مواد الاستهلاك المحلي، و هذا يعني تخفيض استيراد مـواد الاستهـلاك و زيادة تصدير المواد نفسها. و نتيجة لهذا العمل يجب أن تظهر أيضا في تمهيد مسائل جديدة للإنتاج الفلاحي ووضع قاعدة لتطويرها؛
- و كان كل من برنامج طرابلس و ميثاق الجزائر قد اختار الدخول في الصناعة الثقيلة كطريقة للتنمية الاقتصادية.
أولا: الميثاق الوطني 1976
" للتصنيع في الجزائر مدلول و أبعاد ثورة حقيقية. ذلك أنه، مثل الثورتين الثقافية و الزراعية، يجعل ضمن أهدافه المتمثلة في عمليات الاستثمار، و ما يحدثه مـن أنشطة، و ضمن تحويل علاقات الإنتاج الناجمة عن الاختيار الاشتراكي، التغيير العميق للإنسان، و إعادة تشكيل المجتمع في نفس الوقت الذي يعمل فيه على تغيير ملامح البلاد" .
و من ناحية أخرى فإن الثورة الصناعية تندرج في عملية رفع مستوى المعيشة لكل مواطن. فهي ليست مجرد أسلوب لتراكم رأس المال، بل إنها تهدف إلى القضاء على البطالة، و تحسين الظروف الحياتية للعمال، و إعادة توزيع الدخل القومي، من أجل ترقية الجماهير المحرومة. فضلا عن هذا، فإن التصنيع هو وسيلة فعالة لتحديث الحياة الاقتصادية و الاجتماعية فهو يدخل العلوم و التقنية و التكنولوجيا في حياة المجتمع
قامت بإعداد جبهة التحرير الوطني و نوقش و صودق عليه من خلال استفتاء شعبي جرى يوم 16 جانفي 1986 كانت تهدف التنمية الصناعية من خلال هذا الميثاق إلى:
تزويد البلاد بصناعة شاملة و متوازنة بمعنى هيكلة النسيج الصناعي و تكثيفه أي جعل العلاقات القائمة بين مختلف فروع الإنتاج و الخدمات أكثر انتظاما حتى تتعزز المبادلات بين الصناعات، كما تعتبر عملية التصنيع أداة فعالة و حاسمة في بناء اقتصاد حديث و تحسين الإنتاج و إقامة صناعة مصنعـة و تدعيـم الصناعة الثقيلة. كل ذلك من شأنه أن يساعد على تحقيـق التكـامل و الاندماج في جميع المجالات.
إن الصناعات القاعدية، كصناعة الحديد و الصلب، باعتبارها الأساس الذي يعتمد عليه تصنيع البلاد. و لهذا فالطاقة الإنتاجية المتوفرة في هذه الصناعات لابد من تطوريها و تحسين مستوى استخدامها كي تكون سندا لإعادة تجديدها و توسيعها.
ويتم ذلك عن طريق تطوير صنع مواد التجهيز من هندسة صناعية وطنية تسمح للبلاد بالانتقال من المرحلة الحالية المتميزة بتـراكم التقنيات إلـى مراحل إنتـاج الآلات و بناء المصانع اعتمادا على الإمكانيات الوطنية في الدراسات و الإنجاز.
إن توطيد التكامل الاقتصادي في إطار تنمية شاملة متزنة، يرتكز على البحث المنهجي عن التكامل و الانسجام بين الصناعة و القطاعات الاقتصادية الأخرى. و بهذا الصدد ينبغي أن تؤدي هذه القطاعات دورا رئيسيا و أن تكون هـي غاية التنميـة و محركـها. و سوف تتطوّر الصناعة لتلبية حاجيات هذه القطاعات أساسا مع العلم أن الأولويات سترتب حسب الحاجة .
د – ترقية الصناعات التي تضمن بلوغ التقدم التكنولوجي.
- و كان كل من برنامج طرابلس و ميثاق الجزائر قد اختار الدخول في الصناعة الثقيلة كطريقة للتنمية الاقتصادية.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى